لماذا لا يخرج المسلمون في مظاهرات تندد بداعش ؟





.. منذ متى يحتجّ المستبد على ذاته ويثور على استبداده ؟..منذ متى يستطيع الانسان أن يرى وجهه من تلقاء وجهه ؟
وحتى حين رأى نرسيس وجهه يطل عليه من سطح البحيرة اختال وتملكه الغرور, وحجته ان صورته كانت جميلة بهية ....ونحن ايضا حين نفتح الشاشات الالكترونية تطل علينا من سطحها اللامع داعش ,فنرى صورتنا , ومثلما اختال نرسيس نحن كذلك نختال , و نستنفر أمجادنا الماضية حين كنا فاتحين غازين ,و تتفتح شهواتنا لبعث الخلافة , ونختال حتى على اللغة , فنقول : ولكن خلافتنا كانت بيضاء , اخطأت داعش اليوم بتلوينها بالأحمر ., وربما الفرق بيننا وبين" نرسيس "أن هذا الأخير امتلك الجرأة الفجة على اظهار اعجابه بذاته , وله عذرٌ في انحيازه لصورته فهي جميلة .. أما نحن فلا عذر لنا , فداعش ليست جميلة .

. يعرف عن التاريخ شح ثوراته وندرتها , وحتى ما اتفق المتخصصون على أنه ثورة "كالثورة الفرنسية "..هناك من يشكك في ثوريتها , لأن الثورة بتعبير ايلوار" أعلى درجات الابداع "..فهي خلقٌ , فعل من عالم الالوهة فيه الارادة الحاكمة , ارادة الموت والحرب , وفيه استنفارٌ خفي لطاقات التاريخ الكامنة في البشر , وفيه محاكاة لفعل الطبيعة حين تجن فتزلزل الأرض , وتفوّر براكين الدم ,وتطلق صافرات الريح والأعاصير .فالثورة جنون العقل .

علّمَنا تراثُنا أن الباغيَ تدور عليه الدوائر , ولكنه لم يعلمنا أن على الباغي أن ينتحر , و أن يدوّر هو على عنقه الحبل قصاصا من ذاته ...لأننا امة تربّتْ على أن الموت قتلا شرفٌ وشهادة , أما الانتحارُ فهو كفرٌ وعصيان للسيادة , لأن الانتحار ارادةُ الفرد في محاسبة ذاته ,..وفي مجتمعات قطيع العشيرة والطائفة لا ارادةَ تعلو على عصا الراعي فهو وحده الباغي ..

ان فعلها المسلمون وانتحروا ولو رمزيا في مظاهرات وحشود شعبية قصاصا لانفسهم من داعشيتهم , تكون الثورة بمعناها الانساني قد بدأت بشائرُها تهلّ على هذه الأرض المقدسة المشبعة بالدم , فثورة التغيير والنور تبدأ حين تثور الهوية على ذاتها , وداعش هي ذاتنا التراثية التي ننهل منها طقوس الاعتداء والارهاب وقتل الحياة .

نحن ارهابيون , نحن عدوانيون , وكلنا داعشيون بالهوية ,

الذي لا يذرف الدموع على جسد شيعي مزّقه رصاص سني هو داعشي

و الذي لا توسوس له نفسه بالإنتحار خجلا من دماء امرأة سالت في جريمة شرف ,و قصاصا من زميله في الذكورة هو داعشي ,

و التي تبيح للرجل ضربها وضرب جارتها وابنتها هي داعشية ,


, ومن تزوره حور العين في منامه فيصحو سعيدا مزهوا , وإن مرّ بخياله أن شهوة عابرة مرقت بخاطر اخته ينكسر ذليلا 
مخزيا , هو بكل تأكيد داعشي .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق